المنظمات غير الحكومية.. بين مطرقة "الحكومة" وسندان "التمويل الأجنبي"

في ظل غياب المفاهيم الديمقراطية، تؤسس النظم الشمولية بعض منظمات المجتمع المدني، التي تعرف “بالمنظمات غير الحكومية” أو “organizations Non-governmental ” NGOs؛وتدعمها “ماليًا وفنيًا” لتنبريَ للدفاع عنها حينما ينتقدها المجتمع الدولي لارتكابها مخالفات وانتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان بالمخالفة للعهود والمواثيق الدولية.
و الأصل أن هذه المنظمات كيانات مستقلة، لا تهدف إلى الربح ، وتعمل وفق القوانين الداخلية والمعاهدات والمواثيق الدولية ، إلا أن الحكومة تلوّح لها أحيانا بمقصلة القانون وتكيل لها العديد من الاتهامات ، إذا ما رأت منها ما يحرجها سياسيا .
وهناك منظمات مجتمع مدني سعت من نفسها –بالفعل– إلى الاستقلالية التامة، والبُعد عن مظلة الرعاية الحكومية، سعيًا منها للعمل بحرية، وصولا إلى مجتمع يحفظ للإنسان حقوقه ويصون كرامته .
وظل الصراع بين الطرفين يمتد صعودًا وهبوطًا عبر التاريخ، وفقًا للمزاج السياسي للأنظمة الحاكمة،منذ صدور القانون 32 لسنة 1964، مرورًا بالقانون 153 لسنة 1999، وانتهاءً بالقانون 84 لسنة 2002 بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وتؤكد الحكومة في المحافل الدولية على دعمها لهذه المؤسسات، المالي أو الفني، و مراجعتها للقانون 84 لسنة 2002 الخاص بعملها منذ عام 2011 ؛ كما جاء بالتقرير المُقدم من الحكومة أثناء انعقاد الدورة 20 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف؛ وهو ما قوبل بانتقاداتٍ شديدة من الدول الأعضاء بالمجلس وصلت إلى 300 توصية، وتؤكد الحكومة –بشكلٍ مُتكرر– على احترام مصر لالتزاماتها الدولية، في حين تؤكد العديد من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية أن الانتهاكات تزداد سوءًا، مع توفير غطاءًا أمنيًا وسياسيًا لإفلات مرتكبيها من العقاب؛
ثم جاء البرلمان الأوربي في جلسة 10مارس الحالي مستنكرًا انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بمناسبة وفاة الإيطالي/ جوليو ريجيني من جرَّاء التعذيب البشع غير الآدمي بعد إخفائه قسريًا.
والتحقيقات مع المنظمات الحقوقية في مصر ليست بجديدة ، إذ بدأت في يوليو 2011 حينما اتهمت بعضها بالعمل بدون تسجيل،وقبول تمويل أجنبي دون الحصول على تصريح من الحكومة، وهى جرائم تصل عقوبتها وفقًا لنص المادة 78 من قانون العقوبات المصري إلى السجن المؤبد (مدى الحياة).
ومنذ ذلك الحين، يستخدم هذا القانون لقمع النشطاء الحقوقيون والمنظمات غير حكومية،من أجل التعتيم على الجرائم التي تُرتكب ضد الإنسانية، وطمس أدلتها وتسهيل إفلات مرتكبيها من العقاب.
وفي الآونة الأخيرة، تصاعدت وتيرة قمع الناشطين الحقوقيين في مصر، إذ تخضع السيدة/مُزن حسن، المديرة التنفيذية لمركز “نظرة للدراسات النسوية” أواخر مارس 2016للتحقيق معها في قضية التمويل الأجنبي، ويُهدد كل من حسام بهجت مؤسس “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، والمحامي/جمال عيد مدير “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” بالتحفظ على أموالهم، وصدور قرار بمنعهما من السفر؛ومُنع العديد من النشطاء من السفر في الأسابيع الأخيرة، بينهم محمد لطفي مدير “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” وبعض العاملين في “المعهد المصري الديمقراطي”.
وقد سبق التحقيق في مطلع هذا الشهر مع المحامي/نجاد البرعي مدير “المجموعة المتحدة” بتهمة إنشاء كيان غير مُرخص،والضغط على الرئيس لإصدار قانون ضد التعذيب، كما أصدرت وزارة الصحة قرارًا بإغلاق “مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب”، وهو من المراكز المصرية الرائدة في تقديم هذه الخدمات.
وتدين “مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان – JHR” الانتهاكات التي تتعرض لها المنظمات الحقوقية فى مصر، وتؤكد أن ما تقوم به السلطات المصرية يخالف نصوص الدستور المصري 2014، وتطالبها باحترام المعاهدات والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر.

‫#‏مؤسسة_عدالة_لحقوق_الإنسان‬

http://jhrngo.net/wp-content/uploads/2016/05/946450_1524203267887411_7294937503717618402_n.pdf